سورة التوبة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59)}
{وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات} أي يعيبك على قسمتها، والآية في المنافقين كالتي قبلها وبعدها؛ وقيل: في ذي الخويصرة الذي قال: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلك إن لم أعدل فمن يعدل» الحديث {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ} الآية: ترغيب لهم فيما هو خير لهم، وجواب لو محذوف تقديره: لكان ذلك خيراً لهم.


{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)}
{إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} الآية: إنما هو هنا تقتضي حصر الصدقات وهي الزكاة في هذه الأصناف الثمانية، فلا يجوز أن يعطى منها غيرهم، ومذهب مالك أن تفريقها في هؤلاء الأصناف إلى اجتهاد الإمام، فله أن يجعلها في بعض دون بعض، ومذهب الشافعي: أنه يجب أن تقسم على جميع هذه الأصناف بالسواء، واختلف العلماء هل الفقير أشد حاجة من المسكين ليس كذلك أو بالعكس؟ فقيل: هما سواء، وقيل الفقير الذي يسأل الناس ويعلم حاله، والمسكين ليس كذلك {والعاملين عَلَيْهَا} أي الذين يقبضونها ويفرقونها {والمؤلفة قُلُوبُهُمْ} كفار يعطون ترغيباً في الإسلام، وقيل: هم مسلمون يعطون ليتمكن إيمانهم، واختلف هل بقي حكمهم أو سقط للاستغناء عنهم {وَفِي الرقاب} يعني العبيد يشترون ويعتقون {والغارمين} يعني من عليه دين، ويشترط أن يكون استدان في غير فساد ولا سرف {وَفِي سَبِيلِ الله} يعني الجهاد فيعطى منها المجاهدون ويشتري منها آلات الحرب، واختلف هل تصرف في بناء الأسوار وإنشاء الأساطيل؟ {وابن السبيل} هو الغريب المحتاج {فَرِيضَةً} أي حقاً محموداً: ونصبه على المصدر، فإن قيل. لم ذكر مصرف الزكاة في تضاعيف ذكر المنافقين؟ فالجواب أنه حصر مصرف الزكاة في تلك الأصناف ليقطع طمع المنافقين فيها، فاتصلت هذه الآية في المعنى بقوله: ومنهم من يلزمك في الصدقات الآية {وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبي} يعني من المنافقين وإذايتهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالأقوال والأفعال {وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} أي يسمع كل ما يقال له ويصدّقه، ويقال: إنّ قائل هذه المقالة هو نبتل بن الحارث وكان من مرده المنافقين، وقيل: عتاب بن قيس {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ} أي يسمع الخير والحق {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي يصدقهم يقال: آمنت لك إذا صدقتك، ولذلك تعدّى هذا الفعل بإلى وتعدّى يؤمن بالله بالباء {وَرَحْمَةٌ} بالرفع عطف على أذن، وبالخفض على خير.


{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65)}
{يَحْلِفُونَ} يعني المنافقين {والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} تقديره: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك، فهما جملتان حذف الضمير من الثانية لدلالة الأولى عليها، وقيل: إنما وحد الضمير لأن رضا الله ورسوله واحد {مَن يُحَادِدِ الله} يعني من يعادي ويخالف {فَأَنَّ لَهُ} إن هنا مكررة تأكيداً للأولى، وقيل: بدل منها، وقيل التقدير فواجب أن له، فهي في موضع خبر مبتدأ محذوف {يَحْذَرُ المنافقون أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} يعني في شأنهم سورة على النبي صلى الله عليه وسلم، والضمائر في عليهم وتنبئهم وقلوبهم تعود على المنافقين، وقال الزمخشري: إن الضمير في عليهم وتنبئهم للمؤمنين، وفي قلوبهم للمنافقين، والأول أظهر {قُلِ استهزءوا} تهديد {إِنَّ الله مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ} صنع ذلك بهم في هذه السورة، لأنها فضحتهم {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} نزلت في وديعة بن ثابت بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هذا يريد أن يفتح قصور الشام هيهات هيهات، فسأله عن ذلك فقال: إنما كنا نخوض ونلعب.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13